معجزتا تنجيم القرآن الكريم وتعدد صور الوحي
الأستاذ الدكتور مصطفى عبد المنعم
ملخص البحث
على مدار حوالي نصف قرن مضى من الزمان، أهتم كثير من الباحثين بتوضيح الترابط بين آيات محددة في القراّن الكريم وحقائق العلم الحديث تحقيقاً لموعود الله تبارك وتعالى { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ... }فصلت53، وكان من أكثر المجالات التي تحقق فيها هذا الإعجاز هو الآيات المتعلقة بعلم الأجنة، فما من آية في القراّن الكريم تحدثت عن جانب من جوانب خلق الجنين إلا وثبت تطابقها المعجز مع حقائق العلم الحديث، والذي يزيد الأمر إعجازاً أننا إذا جمعنا هذه الآيات بعضها إلى بعض وأعدنا ترتيبها، أمكن أن نكون منها قصة مختصرة ولكنها وافية عن قصة خلق الجنين في رحم أمه، وإذا أسندنا كل موضع إلى وقت تنزيله، نجد وكأن مجموعة من الجُمل المتناثرة التي تُليت على مدار نحو ثلاثة وعشرين سنة فى ظروف مختلفة وسياقات متنوعة بلا ترابط ظاهر قد امتزجت ثم تراصت في ترتيب جديد لتبهرنا في صورتها الجديدة المعجزة أنها منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنه وهي تحمل قصة صادقة مكتملة الأركان لهذا الخلق فى أروع صوره. لقد كان يكفى أن يَمُنَّ اللهُ تعالى علينا بآية واحدة في مجال علم الأجنة لتثبت لغير المؤمنين في زمن العلم أنه الحق، ولكن شاءت إرادة الله أن يَمُنَّ علينا بآيات كثيرة في هذا الباب وألا تنزل هذه الآيات في موضعٍ واحد وسياقٍ متتابع ولكنها نزلت منثورة كالؤلؤ في ثنايا الكتاب الكريم وكأن الله تعالى يقيم علنا حجة بعد حجة ويهدينا إلى نور بعد نور حتى لا يترك مجالاً لمرتاب و{...لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ }الأنفال42 . إن كون الآيات الكونية المتعلقة بعلم الأجنة قد نزلت منجمة على مدار زمن التنزيل كله من أول العهد الكى (كما فى سورة القلم) وحتى أواخر العهد المدني (كما في سورة الحج) لهو دليل صدق يعجز عنه أحاد البشر مهما علا كعبهم بل جميعهم وصدق الله العظيم القائل فى كتابه الكريم {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً } الإسراء88. وإذا رغبنا في إبراز المزيد من الإبهار، فإن بعض دلائل هذا الإعجاز العلمي قد وردت في أحاديث متعددة للرسول عليه الصلاة والسلام بنسق يخالف نسق القرآن الكريم وبيان يوافق ويفصل ما جاء في هذا الكتاب الكريم مصداقاً لقوله تعالى (إن هو إلا وحي يوحى، علمه شديد القوى).
تقديم: القراّن الكريم هو ( كلام الله تعالى المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته) (الرومى ،1416ه). وقد نزل القراّن الكريم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مفرقاً في ثلاث وعشرين سنة، ثلاث عشرة سنة في مكة وعشر سنين في المدينة (الجديع،1422ه) والدليل على تفرق هذا النزول وتنجمه قول الله- تعالت حكمته- فى سورة الإسراء، {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً }الإسراء106 وقوله في سورة الفرقان {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً }الفرقان32 (3). وقد تتابع نزول القرآن خلال هذه المدة الطويلة، فكانت تنزل السورة مرة، وتنزل الآية أو الآيات مرة أخرى، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ضعوا هذه الآية في موضع كذا من سورة كذا، حتى تم نزول هذا الكتاب الكريم قبيل وفاة النبي عليه الصلاة والسلام (زرزور،1401). أما الحديث الشريف فهو: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قولٍ أو فعلٍ أو تقرير أو صفة. (الطحان/15). والحديث الصحيح هو: ما أتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علّه. (الطحان/34). وقد وردت العديد من الأحاديث النبوية الصحيحة أيضاً تحمل إعجازاً مبهراً في مجال علم الأجنة، أخبر بها الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً على مدار زمن الرسالة في سياقات متعددة ومواقف شتى. وسوف نستعرض بإذن الله تعالى طائفة من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة ونٌظهرُ ملمحاً جديداً للإعجاز يضاف إلى الإعجاز المفرد في كل آية أو حديث على حده. الدراسة: من الناحية العلمية يمكن لنا أن نلخص خطوات تطور الجنين فى القصة القصيرة التالية: تتكون الجاميتات الذكرية والأنثوية للأب والأم على التوالي أثناء مرحلتهما الجنينية بانتقال بعض الخلايا من جدار كيس المح إلى المنطقة المحصورة بين العمود الفقري وعظام الصدر. ولاحقاً عند التزاوج والجماع، تخرج الحيوانات المنوية من حوالي 300 مليون حيوان منوي، لا يصل إلى البويضة إلا حوالي 300 حيوان منوي وينجح واحد فقط من هذه الحيوانات المنوية فى إختراق الحواجز التي تحمي البويضة. وفور دخوله تفرز البويضة مواد خاصة تحول دون دخول حيوانات أخرى إليها. وبمجرد دخول الحيوان المنوي إلى البويضة يبدأ اختلاط المادة الوراثية للجاميتات الذكرية والأنثوية مكونة مشيج خليط. وبمجرد اختلاط المادة الوراثية للذكر والأنثى يتم إعادة ترتيب المادة الوراثية الجديدة بصورة تتقدر فيها مجمل خصائص هذا الكائن الجديد. وتكون كل من الجاميتات الذكرية والأنثوية فى صورة قطرة سائل دقيقة قبل الاختلاط وحتى بعد الاختلاط أثناء رحلتها خلال قناة فالوب إلى الرحم وحتى وقت الإنغراس ببطانة الرحم وذلك لوجود غلاف أبيض يحيط بالنطفة الأمشاج ويمنع تغير الشكل الخارجي والحجم الكلى للنطفة الأمشاج. وبعد حوالي أسبوع من الإخصاب تفقد النطفة الغلاف الأبيض الخارجي وتلتصق بجدار الرحم ثم تبدأ فى الإنغراس فيه مثل حبة الزرع التي تنغرس فى تربة الأرض. ويعتبر الرحم هو المكان الوحيد في الجسم المهيىء والممكن من أداء الوظيفة المتعلقة باستقرار الجنين ونموه أثناء فترة الحمل. وبعد حوالى أسبوعين من الإخصاب يتعلق الجنين بالمشيمة البدائية بواسطة ساق اتصال حيث يعتمد عليها فى غذائه ويكون شكله مشابهاً لطفيل العلق ونظراً لبدء تكون خلايا الدم فيه مع عدم بدء الدورة الدموية الجنينية فإنه يشبه في مظهره الخارجي قطعة الدم الجامدة. تبدأ القطع الجسدية للميزوديرم فى التميز عند اليوم العشرين ويلاحظ أنه ما بين اليوم الرابع والعشرين وحتى اليوم الأربعين يكون شكل الجنين مثل قطعة اللحم الممضوغ سواء من حيث حجمها الصغير (حوالى1سم عند40 يوماً) أو من حيث التغيرات المستمرة فى شكلها الخارجي أو من حيث ظهور القطع الجسدية بصورة تشبه آثار الأسنان على قطعة لحم. فى الأسبوع السابع يتم بداية تكوين العظام. وفى الأسبوع الثامن تنتشر العت وتغطى العظام. ومنذ بداية الشهر الثالث يكون الهدف الأساسي لتطور الجنين هو النمو والنضج الوظيفي لأجهزة الجسم. وبصورة عامة، لا يمكن أن تكتب للجنين فرصة للبقاء إذا ولد قبل ستة أشهر وذلك بصفة أساسية لتأخر الاكتمال التركيبي والوظيفي للجهاز التنفسي. ويمكن للطفل المولود لستة أشهر فأكثر أن يكمل نموه خارج الرحم بحضانات خاصة مجهزة. ولذلك يمكن أن يطلق على الفترة من ستة أشهر وتسعة أشهر بالحضانة الرحمية.وعند الولادة، يتم إفراز عدد من الهرمونات التي تؤدى إلى أتساع عنق الرحم ونعومته واختفائه في جسم الرحم تدريجياً مع انقباض عضلات جسم الرحم وقبتة كما ترتخي بعض الأربطة التي ترتبط بعظام الحوض حتى يمكن أن تحدث شياً من التباعد بين العظام وفى النهاية ينفجر الكيس الأمنيوسى المحيط بالجنين ويندفع السائل الأمنيوسى الموجود به ليطهر مجرى الولادة ويمهد السبيل لولادة ميسرة. إن هذه القصة يمكن أن ننسب كل جزء من أجزائها إلى بعض آيات القراّن الكريم كما يأتي:
1) تتكون الجاميتات الذكرية والأنثوية للأب والأم على التوالي أثناء مرحلتهما الجنينية بانتقال بعض الخلايا من جدار كيس المح إلى المنطقة المحصورة بين العمود الفقرى وعظام الصدر.
قال تعالى: {فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خلق من ماء دافق * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ } الطارق 5-7
2) عند الجماع، تخرج الحيوانات المنوية مندفعة لتلتقى بالبويضة.
قال تعالى: {فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خلق من ماء دافق} الطارق 5-6.
3) من حوالي 300 مليون حيوان منوى، لا يصل إلى البويضة إلا حوالي 300 حيوان منوي وينجح واحد فقط من هذه الحيوانات المنوية في اختراق الحواجز التي تحمي البويضة.
الأستاذ الدكتور مصطفى عبد المنعم
ملخص البحث
على مدار حوالي نصف قرن مضى من الزمان، أهتم كثير من الباحثين بتوضيح الترابط بين آيات محددة في القراّن الكريم وحقائق العلم الحديث تحقيقاً لموعود الله تبارك وتعالى { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ... }فصلت53، وكان من أكثر المجالات التي تحقق فيها هذا الإعجاز هو الآيات المتعلقة بعلم الأجنة، فما من آية في القراّن الكريم تحدثت عن جانب من جوانب خلق الجنين إلا وثبت تطابقها المعجز مع حقائق العلم الحديث، والذي يزيد الأمر إعجازاً أننا إذا جمعنا هذه الآيات بعضها إلى بعض وأعدنا ترتيبها، أمكن أن نكون منها قصة مختصرة ولكنها وافية عن قصة خلق الجنين في رحم أمه، وإذا أسندنا كل موضع إلى وقت تنزيله، نجد وكأن مجموعة من الجُمل المتناثرة التي تُليت على مدار نحو ثلاثة وعشرين سنة فى ظروف مختلفة وسياقات متنوعة بلا ترابط ظاهر قد امتزجت ثم تراصت في ترتيب جديد لتبهرنا في صورتها الجديدة المعجزة أنها منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنه وهي تحمل قصة صادقة مكتملة الأركان لهذا الخلق فى أروع صوره. لقد كان يكفى أن يَمُنَّ اللهُ تعالى علينا بآية واحدة في مجال علم الأجنة لتثبت لغير المؤمنين في زمن العلم أنه الحق، ولكن شاءت إرادة الله أن يَمُنَّ علينا بآيات كثيرة في هذا الباب وألا تنزل هذه الآيات في موضعٍ واحد وسياقٍ متتابع ولكنها نزلت منثورة كالؤلؤ في ثنايا الكتاب الكريم وكأن الله تعالى يقيم علنا حجة بعد حجة ويهدينا إلى نور بعد نور حتى لا يترك مجالاً لمرتاب و{...لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ }الأنفال42 . إن كون الآيات الكونية المتعلقة بعلم الأجنة قد نزلت منجمة على مدار زمن التنزيل كله من أول العهد الكى (كما فى سورة القلم) وحتى أواخر العهد المدني (كما في سورة الحج) لهو دليل صدق يعجز عنه أحاد البشر مهما علا كعبهم بل جميعهم وصدق الله العظيم القائل فى كتابه الكريم {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً } الإسراء88. وإذا رغبنا في إبراز المزيد من الإبهار، فإن بعض دلائل هذا الإعجاز العلمي قد وردت في أحاديث متعددة للرسول عليه الصلاة والسلام بنسق يخالف نسق القرآن الكريم وبيان يوافق ويفصل ما جاء في هذا الكتاب الكريم مصداقاً لقوله تعالى (إن هو إلا وحي يوحى، علمه شديد القوى).
تقديم: القراّن الكريم هو ( كلام الله تعالى المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته) (الرومى ،1416ه). وقد نزل القراّن الكريم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مفرقاً في ثلاث وعشرين سنة، ثلاث عشرة سنة في مكة وعشر سنين في المدينة (الجديع،1422ه) والدليل على تفرق هذا النزول وتنجمه قول الله- تعالت حكمته- فى سورة الإسراء، {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً }الإسراء106 وقوله في سورة الفرقان {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً }الفرقان32 (3). وقد تتابع نزول القرآن خلال هذه المدة الطويلة، فكانت تنزل السورة مرة، وتنزل الآية أو الآيات مرة أخرى، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ضعوا هذه الآية في موضع كذا من سورة كذا، حتى تم نزول هذا الكتاب الكريم قبيل وفاة النبي عليه الصلاة والسلام (زرزور،1401). أما الحديث الشريف فهو: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قولٍ أو فعلٍ أو تقرير أو صفة. (الطحان/15). والحديث الصحيح هو: ما أتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علّه. (الطحان/34). وقد وردت العديد من الأحاديث النبوية الصحيحة أيضاً تحمل إعجازاً مبهراً في مجال علم الأجنة، أخبر بها الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً على مدار زمن الرسالة في سياقات متعددة ومواقف شتى. وسوف نستعرض بإذن الله تعالى طائفة من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة ونٌظهرُ ملمحاً جديداً للإعجاز يضاف إلى الإعجاز المفرد في كل آية أو حديث على حده. الدراسة: من الناحية العلمية يمكن لنا أن نلخص خطوات تطور الجنين فى القصة القصيرة التالية: تتكون الجاميتات الذكرية والأنثوية للأب والأم على التوالي أثناء مرحلتهما الجنينية بانتقال بعض الخلايا من جدار كيس المح إلى المنطقة المحصورة بين العمود الفقري وعظام الصدر. ولاحقاً عند التزاوج والجماع، تخرج الحيوانات المنوية من حوالي 300 مليون حيوان منوي، لا يصل إلى البويضة إلا حوالي 300 حيوان منوي وينجح واحد فقط من هذه الحيوانات المنوية فى إختراق الحواجز التي تحمي البويضة. وفور دخوله تفرز البويضة مواد خاصة تحول دون دخول حيوانات أخرى إليها. وبمجرد دخول الحيوان المنوي إلى البويضة يبدأ اختلاط المادة الوراثية للجاميتات الذكرية والأنثوية مكونة مشيج خليط. وبمجرد اختلاط المادة الوراثية للذكر والأنثى يتم إعادة ترتيب المادة الوراثية الجديدة بصورة تتقدر فيها مجمل خصائص هذا الكائن الجديد. وتكون كل من الجاميتات الذكرية والأنثوية فى صورة قطرة سائل دقيقة قبل الاختلاط وحتى بعد الاختلاط أثناء رحلتها خلال قناة فالوب إلى الرحم وحتى وقت الإنغراس ببطانة الرحم وذلك لوجود غلاف أبيض يحيط بالنطفة الأمشاج ويمنع تغير الشكل الخارجي والحجم الكلى للنطفة الأمشاج. وبعد حوالي أسبوع من الإخصاب تفقد النطفة الغلاف الأبيض الخارجي وتلتصق بجدار الرحم ثم تبدأ فى الإنغراس فيه مثل حبة الزرع التي تنغرس فى تربة الأرض. ويعتبر الرحم هو المكان الوحيد في الجسم المهيىء والممكن من أداء الوظيفة المتعلقة باستقرار الجنين ونموه أثناء فترة الحمل. وبعد حوالى أسبوعين من الإخصاب يتعلق الجنين بالمشيمة البدائية بواسطة ساق اتصال حيث يعتمد عليها فى غذائه ويكون شكله مشابهاً لطفيل العلق ونظراً لبدء تكون خلايا الدم فيه مع عدم بدء الدورة الدموية الجنينية فإنه يشبه في مظهره الخارجي قطعة الدم الجامدة. تبدأ القطع الجسدية للميزوديرم فى التميز عند اليوم العشرين ويلاحظ أنه ما بين اليوم الرابع والعشرين وحتى اليوم الأربعين يكون شكل الجنين مثل قطعة اللحم الممضوغ سواء من حيث حجمها الصغير (حوالى1سم عند40 يوماً) أو من حيث التغيرات المستمرة فى شكلها الخارجي أو من حيث ظهور القطع الجسدية بصورة تشبه آثار الأسنان على قطعة لحم. فى الأسبوع السابع يتم بداية تكوين العظام. وفى الأسبوع الثامن تنتشر العت وتغطى العظام. ومنذ بداية الشهر الثالث يكون الهدف الأساسي لتطور الجنين هو النمو والنضج الوظيفي لأجهزة الجسم. وبصورة عامة، لا يمكن أن تكتب للجنين فرصة للبقاء إذا ولد قبل ستة أشهر وذلك بصفة أساسية لتأخر الاكتمال التركيبي والوظيفي للجهاز التنفسي. ويمكن للطفل المولود لستة أشهر فأكثر أن يكمل نموه خارج الرحم بحضانات خاصة مجهزة. ولذلك يمكن أن يطلق على الفترة من ستة أشهر وتسعة أشهر بالحضانة الرحمية.وعند الولادة، يتم إفراز عدد من الهرمونات التي تؤدى إلى أتساع عنق الرحم ونعومته واختفائه في جسم الرحم تدريجياً مع انقباض عضلات جسم الرحم وقبتة كما ترتخي بعض الأربطة التي ترتبط بعظام الحوض حتى يمكن أن تحدث شياً من التباعد بين العظام وفى النهاية ينفجر الكيس الأمنيوسى المحيط بالجنين ويندفع السائل الأمنيوسى الموجود به ليطهر مجرى الولادة ويمهد السبيل لولادة ميسرة. إن هذه القصة يمكن أن ننسب كل جزء من أجزائها إلى بعض آيات القراّن الكريم كما يأتي:
1) تتكون الجاميتات الذكرية والأنثوية للأب والأم على التوالي أثناء مرحلتهما الجنينية بانتقال بعض الخلايا من جدار كيس المح إلى المنطقة المحصورة بين العمود الفقرى وعظام الصدر.
قال تعالى: {فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خلق من ماء دافق * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ } الطارق 5-7
2) عند الجماع، تخرج الحيوانات المنوية مندفعة لتلتقى بالبويضة.
قال تعالى: {فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خلق من ماء دافق} الطارق 5-6.
3) من حوالي 300 مليون حيوان منوى، لا يصل إلى البويضة إلا حوالي 300 حيوان منوي وينجح واحد فقط من هذه الحيوانات المنوية في اختراق الحواجز التي تحمي البويضة.